يسأل سمير عطا الله بانبهار: «ما أفظع ما يتحمله الوسيط حين يكون باب الجحيم مفتوحا وبوابة الأمل مغلقة. يعرف الإبراهيمي السياسة والسياسيين العرب منذ خمسة عقود. لم يعرف شيئا من هذا من قبل. حتى حرب لبنان كان فيها شيء من نوافذ الرحمة. بل حتى مغالق وصخور أفغانستان كان فيها فتحات على أمل ما. ما هذه الأعصاب الفولاذية التي تطيق ما ترى وما تسمع؟ ما هو نوع الحبوب يا دكتور؟»!
بالفعل الإبراهيمي أعجوبة في هذه المرحلة، هذا الرجل الثمانيني الذي دخل في ملفات في أفغانستان ولبنان وسواها يعايش الآن مشكلة ليست ككل المشكلات، إنها المهمة المستحيلة! لكن كان يجب أن يأخذ الإبراهيمي هذه المهمة بعد أن أعلن كوفي عنان بسرعة عن استحالة الحل وتنحى لصالح الأخضر ليقود دفة المفاوضات.
سيذكر التاريخ أن هذه الأزمة التي تعيشها سوريا هي نفق مظلم، وأن الأخضر الإبراهيمي بابتساماته وجلده وإصراره خاض معارك طاحنة وقاسية بين فكي النظام والمعارضة، ولاتزال الأزمة تراوح مكانها، الإنجاز الوحيد للوسيط الأممي أنه جمع الأطراف في شوارع متقاربة وفي فنادق متجاورة وفي مدينة واحدة وفي قاعة واحدة، غير أن ما هو أكثر من ذلك من الواضح أنه لن يتم، وحال الإبراهيمي يصفه بيت الشاعر المعري:
فيا دارها بالخيف إن مزارها
قريب ولكن دون ذلك أهوال.