سمعت طالب علم يقرأ من كتاب مطبوع يتضمن بعض الفتاوى الجيدة فأصغيت السمع لعلي أستفيد من بعض تلك الأسئلة والإجابات وقد وجدت في كثير منها فائدةً وعلماً وفقهاً، ولكن استوقفني سؤال عن حكم الذي يؤخر الصلاة عن وقتها فلا يصلي الفجر إلا بعد شروق الشمس أو العصر في «حَلْق المغرب»، فكان الجواب حسب ما فَهمت أنه يستتاب فإن لم يتب يعتبر مرتداً فيقتل ودلل المجيب على ذلك بالحديث النبوي «من بدل دينه فاقتلوه».
وحسب قراءاتي المتواضعة ودون ادعاء لعلم وفقه، فإن ذلك الجواب لم يجد لدي استحساناً؛ لأن الذي يؤخر الصلاة متهاون وآثم ولكنه لا يعتبر مرتداً عن الإسلام إلا إذا ترك الصلاة تماماً وحتى بالنسبة لتارك الصلاة فإن هناك خلافاً بين أئمة وعلماء الإسلام فمنهم من حكم على تارك الصلاة بالردة ومنهم من اشترط تركها مع الجحود وهو ألا يرى إنسان ما أن الصلاة ركن من أركان الإسلام ليحكم على ذلك الجاحد لوجوبها بالردة، وفي الحالتين فإن الحديث النبوي المذكور لا ينطبق على من يؤخر الصلاة عن وقتها، بل على من يبدل دينه كأن يكون مسلماً فيرتد ويعتنق ديناً آخر فكيف ينطبق حديث مبدل دينه على من يؤخر الصلاة عن وقتها، مع أنه توجد أحاديث أخرى تنطبق على من يترك الصلاة جحوداً وهي أحاديث تحكم عليه بالكفر ولكنها هي الأخرى قد لا تنطبق على من يؤخر الصلاة عن وقتها ولذلك ينبغي على من يتصدى للإجابة على مثل هذه الأسئلة تحري الإجابة الجامعة وعدم إغفال آراء الفقهاء والأئمة الكبار الذين قد لا يرتاح لآرائهم الفقهية في المسائل التي تكون موضع خلاف بل يعرضها ثم يعلن ما يختاره منها لنفسه تاركاً للسائل حق الاختيار ما دام أن لدى كل إمام وفقيه دليلاً وحجة.
وبالمناسبة، فإني لأعجب من دعاة يقدمون برامج فضائية ناجحة ولكن بعضهم لا يتحرى مراجعة كتب التفسير للتأكد من معاني بعض آيات الكتاب الكريم فقد سمعت من قبل داعيةً عربياً مرموقاً يفسر آية قرآنية «من رأسه» وذلك عندما استشهد بقوله عز وجل «والسماء بنيناها بأيد وإنا لموسعون» فأخذ يحدث حضور مجلسه أن لله أيادي كثيرة ظناً منه أن كلمة أيدٍ جمع يد مع أنها تعني قوة وقدرة ولكنه دخل الاستديو ولم يراجع لأنه واثق من نفسه فأخذ يفسر القرآن من رأسه وهو في ذلك مثل كاتب استشهد بالآية الكريمة التالية: «يسألونك ماذا ينفقون قل العفو» ففسر كلمة العفو على أن المقصود بها التسامح الذي هو من شيم الكرام مع أن معناها واضح وهو الإنفاق من فضول الأموال ولكنه التعالم الذي يأبى إلا أن يحرج صاحبه الذي حفظ شيئاً وغابت عنه أشياء!.
عكاظ
الأحد 13/12/1436 هـ
27 سبتمبر 2015 م
العدد : 5215