كنت أتمنى أن لو كانت مشكلات الاستقدام بسبب رئيس اللجنة الوطنية للاستقدام لأن بالإمكان استقالته أو تغييره أو استبداله أو أن تكون بسبب اللجنة نفسها لأنه بالإمكان حلها وتشكيل لجنة جديدة على أنقاضها، بل كنت أتمنى لو كانت مشكلة وزير لأن أسهل ما يكون اليوم هو استبدال الوزير أو تغييره.
تعودنا أن نحول مشكلاتنا من مؤسسية هيكلية إلى فردية شخصية وبالتالي تكون حلولنا فردية وهنا نقع في واحدة من أبرز أزمات وكوارث المجتمع.
بلد تتراكم فيه المشكلات والقضايا العمالية منذ زمن طويل وتمارس فيه انتهاكات ضد العمالة (ومن قبلها أيضا) دون وجود غطاء لأنظمة وتشريعات دقيقة أو آليات لتطبيقها وبدلا من ذلك يتم حلها من قبل لجان إدارية مكونة من موظفين (بسطاء) وهو ما أدى إلى هذا الاحتقان العمالي الذي وصل إلى دوائر القرار في بعض الدول وتجاوز وزراء العمل في بلدانهم ليناقش في البرلمانات أو أن تصدر قراراته من قبل رؤساء الجمهوريات كقرارات سيادية.
وعليك أن تتصور خط هذا الاحتقان الذي يبدأ من راعي الأغنام في بلد المورد إلى أن يصل إلى رئيس الجمهورية في بلد المصدر، وحجة أولئك الذين يقارنون تكاليف وإجراءات الاستقدام بالدول المجاورة لنا هي حجة عليهم وليست لهم.
هناك جانبان تظافرا في تراكم هذه المشكلة وتعقيدها وتفرعاتها وبالتالي تعقيد إجراءاتها وارتفاع تكاليفها الأول غياب ثقافة الاستخدام والتعامل الحقوقي مع الأجير (من قبل البعض وليس الكل) وذلك وفق ثقافة ومفهومية الكفيل المقتدر والمكفول المغلوب على أمره والثاني غياب حد أدنى من التشريعات والاليات التي يمكن من خلالها معاقبة من يخرج عن قوانين وأنظمة العمل كفيلا كان أو مكفولا.
«كركبة» طويلة من التراكمات والأخطاء جرت على مدى 30 عاما وتركت صورة سالبة لدى الآخرين ومازلنا نصر في نهاية المطاف على كونها «غلطة» فرد واحد أو لجنة واحدة.. فإلى متى ونحن ندفن رؤوسنا في الرمال ..؟.
صحيفة عكاظ
السبت 12/08/1436 هـ
30 مايو 2015 م
العدد : 5095